بقلم محمد محزم
تعانى الثقافة العربية منذ مايقارب القرنين من الزمان من تغريبتها المشئومة نحو الحضارة الغربية بكل تجلياتها السياسية والإجنماعية المتنوعة دون الوقوف على أرض صلبة من تراثنا الحضارى والإنسانىسواءا كان فى الحضارات القديمة كالفرعونية أو السومرية أو الفينيقية أ وحتى الحضارات التى تلت هذه الحضارات من قبطية وإسلامية شطحنا بعيدا عن مرافئها الدافئة بالإنسانية وكلما جئت تذكر أحدهم بأن كل حضارات الدنيا هى ركام معرفى يشبه فى هيئته بحيرة تصب فيها كل أنهار الإبداع والأفكار الإنسانية ينكص على عقبيه مجادلا ويحيلك إلى مرجعيات أفضل ما يمكن وصفها به أنها مرجعيات ترسخ الدونية فى التفاعل مع الثقافات الأخرى . ويهدر عن جهل أو عن قصد ذلك الجهد المعرفى الذى بذله علمائنا فى عصور كانت فيها الثقافات الأخرى لم تخرج بعد من عصر الكهوف والأنكى أن ذلك الإنهزام والدونيه يأتى مساوقا لدعوات الرجعيه النفطيه التى تنكر كل دور للعقل فى حياة الإنسان وتريد أن تقضى ببداوتها على تحضر شعوب قامت على أكتاف مفكريها ومبدعيها حضارات علمت الدنيا وما زالت تعلمهاو قادت العالمنحو شواطئ المعرفة والعلم لقرون.
وزد على ذلك الهجمة المتوحشة للعولمة وموجة النيو ليبرالية التى تدك حصون القومية محولة جعل العالم كله سوقا مستهلكا لمنتوجاتها الإقتصادية أوالسياسية وحتى أفكارها المشوهة عن الدين والعلاقة بين الإنسان والإله.
وما يزيد الحلق مرارة أن تجد أحدهم يتشدق ليل نهار بجيفارا والليندى وماركس فإذا ما سألته سؤالا أوليا بسيطا عن تمرد أبى ذر ودفاعه عن حقوق الفقراء فى مواجهة بطانة الخليفة عثمان وما واجهه من تضييق ونفى وجهره بمعاداة النظام الذى يعمل لمصلحة الأغنياء ضدا على الفقراء ستجده منكرا لكل ذلك لأن أبا ذر من وجهة نظره ما هو إلا متدين ليس له فى العقل والكفاح نصيب .
فإذا ما ذكرت آل البيت وجهادهم ضد بنى أمية وما لاقوه من تعذيب وإضطهاد وكيف صبروا وصابروا؟
ينطلق مغردا بلسان أقبح من نعيق الغراب أنهم كانوا يطلبون الملك والسلطة.
فإذا ما تجاوزت عن حماقته واستطردت فى المجادلة وذكرت الحلاج أو القرامطة أو ثورة الزنج على العباسيين يرد عليك وسيماء الجهالة والغباء على وجهه واضحة وضوح الشمس فى ساعة الضحى إنهم متصوفة متزندقون.
فإذا أردت أن تأخذ بيده نحو قراءة جديدة لتاريخ الأمة أبجديتها العقل والتربية الروحية ومرجعيتها الإنسان
يرد عليك بسفاهة تفوق الوصف أن كل ذلك تهويمات فى عالم الخيال.
فهو لايريد الإعتراف بجهله وبمركب النقص الذى يعانى منه وإ غراقه فى التغريبة الفاشلة فلا هو مقبول لدى الثقافة الغربية كإبن لها بل هو فى نظر منظريها كإبن السفاح الذى تتبرأ منه بمناسبة وبدون مناسبة .
ولا هو نهل من نبع أجداده حتى ارتوى واشتدت عظام عقله فتفاعل بإيجابية مع كل الثقافات الأخرى فأنتج منتجا نافعا لنفسه ولكل الإنسانيه. مع أن كل مثقفى الغرب بدئا بلوركا برورا بماركيز كل منتجهم الثقافى والمعرفى عن بيئتهم المحلية وجدالية جميلة بين الواقع المعاش بأدق تفاصيله وبين ما يتمنونه .